responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 116
بَيْنَ عَذَابِ الْمُؤْمِنِ وَعَذَابِ الْكَافِرِ، فَإِنَّ عَذَابَ المؤمن ليطهر فهو غير مهين ثم قال تعالى:

[سورة لقمان (31) : آية 7]
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (7)
أَيْ يَشْتَرِي الْحَدِيثَ الْبَاطِلَ، وَالْحَقُّ الصُّرَاحُ يَأْتِيهِ مَجَّانًا يُعْرِضُ عَنْهُ، وَإِذَا نَظَرْتَ فِيهِ فَهِمْتَ حُسْنَ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمُشْتَرِي يَطْلُبُ الْمُشْتَرَى مَعَ أَنَّهُ يَطْلُبُهُ بِبَذْلِ الثَّمَنِ، وَمَنْ يَأْتِيهِ الشَّيْءُ لَا يَطْلُبُهُ وَلَا يَبْذُلُ شَيْئًا، ثُمَّ إِنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَطْلُبَ الْعَاقِلُ الْحِكْمَةَ بِأَيِّ شَيْءٍ يَجِدُهُ وَيَشْتَرِيهَا، وَهُمْ مَا كَانُوا يَطْلُبُونَهَا، وَإِذَا جَاءَتْهُمْ مَجَّانًا مَا كَانُوا يَسْمَعُونَهَا، ثُمَّ إِنَّ فِيهِ أَيْضًا مَرَاتِبَ الْأُولَى: التَّوْلِيَةُ عَنِ الْحِكْمَةِ وَهُوَ قَبِيحٌ وَالثَّانِي: الِاسْتِكْبَارُ، وَمَنْ يَشْتَرِي حِكَايَةَ رُسْتُمَ وَبَهْرَامَ وَيَحْتَاجُ إِلَيْهَا كَيْفَ يَكُونُ مُسْتَغْنِيًا عَنِ الْحِكْمَةِ حَتَّى يَسْتَكْبِرَ عَنْهَا؟ وَإِنَّمَا يَسْتَكْبِرُ الشَّخْصُ عَنِ الْكَلَامِ وَإِذَا كَانَ يَقُولُ أَنَا أَقُولُ مِثْلَهُ، فَمَنْ لَا يَقْدِرُ يَصْنَعُ مِثْلَ تِلْكَ الْحِكَايَاتِ الْبَاطِلَةِ كَيْفَ يَسْتَكْبِرُ عَلَى الْحِكْمَةِ الْبَالِغَةِ الَّتِي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها شُغْلُ الْمُتَكَبِّرِ الَّذِي لَا يَلْتَفِتُ إِلَى الْكَلَامِ وَيَجْعَلُ نَفْسَهُ كَأَنَّهَا غَافِلَةٌ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ: كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً أَدْخَلُ فِي الْإِعْرَاضِ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى:
فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ أي له عذاب مهين بشره أَنْتَ بِهِ وَأَوْعِدْهُ، أَوْ يُقَالُ إِذَا كَانَ حاله هذا فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ.

[سورة لقمان (31) : الآيات 8 الى 9]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)
لَمَّا بَيَّنَ حَالَ مَنْ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ الْآيَاتُ وَلَّى، بَيَّنَ حَالَ مَنْ يُقْبِلُ عَلَى تِلْكَ الْآيَاتِ وَيَقْبَلُهَا وَكَمَا أَنَّ ذَلِكَ لَهُ مَرَاتِبُ مِنَ التَّوْلِيَةِ وَالِاسْتِكْبَارِ، فَهَذَا لَهُ مَرَاتِبُ مِنَ الْإِقْبَالِ وَالْقَبُولِ وَالْعَمَلِ بِهِ، فَإِنَّ مَنْ سَمِعَ شَيْئًا وَقَبِلَهُ قَدْ لَا يَعْمَلُ بِهِ فَلَا تَكُونُ دَرَجَتُهُ مِثْلَ مَنْ يَسْمَعُ وَيُطِيعُ ثُمَّ إِنَّ هَذَا لَهُ جَنَّاتُ النَّعِيمِ وَلِذَلِكَ عَذَابٌ مُهِينٌ وَفِيهِ لَطَائِفُ:
إِحْدَاهَا: تَوْحِيدُ الْعَذَابِ وَجَمْعُ الْجَنَّاتِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الرَّحْمَةَ وَاسِعَةٌ أَكْثَرُ مِنَ الْغَضَبِ الثَّانِيَةُ: تَنْكِيرُ الْعَذَابِ وَتَعْرِيفُ الْجَنَّةِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْمُعَرَّفِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الرَّحِيمَ يُبَيِّنُ النِّعْمَةَ وَيُعَرِّفُهَا إِيصَالًا لِلرَّاحَةِ إِلَى الْقَلْبِ، وَلَا يُبَيِّنُ النِّقْمَةَ، وَإِنَّمَا يُنَبِّهُ عَلَيْهَا تَنْبِيهًا الثَّالِثَةُ: قَالَ عَذَابٌ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُمْ فِيهِ خَالِدُونَ، وَإِنَّمَا أَشَارَ إِلَى الْخُلُودِ بِقَوْلِهِ: مُهِينٌ وَصَرَّحَ فِي الثَّوَابِ بِالْخُلُودِ بِقَوْلِهِ: خالِدِينَ فِيها، الرَّابِعَةُ: أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَلَمْ يَذْكُرْهُ هُنَاكَ الْخَامِسَةُ: قَالَ هُنَاكَ لِغَيْرِهِ فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ وَقَالَ هَاهُنَا بِنَفْسِهِ وَعْدَ اللَّهِ، ثُمَّ لَمْ يَقُلْ أُبَشِّرُكُمْ بِهِ لِأَنَّ الْبِشَارَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بِأَعْظَمِ مَا يَكُونُ، لَكِنَّ الْجَنَّةَ دُونَ مَا يَكُونُ لِلصَّالِحِينَ بِشَارَةٌ مِنَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ بِشَارَتُهُمْ مِنْهُ بِرَحْمَتِهِ وَرِضْوَانِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ [التوبة: 21] وَلَوْلَا قَوْلُهُ: مِنْهُ لَمَا عَظُمَتِ الْبِشَارَةُ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْهُ مَقْرُونَةً بِأَمْرٍ دُونَ الْجَنَّةِ لَكَانَ ذَلِكَ فَوْقَ الْجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ بَشَّرَ بِنَفْسِ الْجَنَّةِ بِقَوْلِهِ: وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فُصِّلَتْ: 30] نَقُولُ الْبِشَارَةُ هُنَاكَ لَمْ تَكُنْ بِالْجَنَّةِ وَحْدَهَا، بَلْ بِهَا وَبِمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فُصِّلَتْ: 32] وَالنُّزُلُ مَا يُهَيَّأُ عِنْدَ النُّزُولِ وَالْإِكْرَامِ الْعَظِيمِ بَعْدَهُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ كَامِلُ الْقُدْرَةِ يُعَذِّبُ الْمُعْرِضَ وَيُثِيبُ الْمُقْبِلَ، كَامِلُ الْعِلْمِ يَفْعَلُ الْأَفْعَالَ كَمَا يَنْبَغِي، فَلَا يُعَذِّبُ مَنْ يُؤْمِنُ وَلَا يُثِيبُ مَنْ يَكْفُرُ.

[سورة لقمان (31) : آية 10]
خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10)

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 116
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست